في الماستر حدث ذلك


stopsign.gif : 30 par 44 pixels.

تنبيه:

ليست هذه التدوينة للتعميم.. لكن لتدوين تجربتي ونصائحي بناء عليها.

مع مرور الوقت وتقدم العمر يتعلم الشخص العديد من الدروس من خلال التجارب التي يمر بها ومن خلال الاشخاص الذين يخالطهم وعبر الكتب التي يقرأها. يحدث هذا التعلم بوتيرة متوازنه تعطيه كم متوازن من الخبرات التي تتناسب مع عمره وقدراته… ولكن في دراسة الماستر تلقيت كم هائل من الخبرات والمعارف والصدمات والتجارب التي اضافت سنوات عديده على عمري فجأة

تلك الخمس سنوات اخذت مني واعطتني الكثير.. منذ فترة وانا أود الكتابه عن هذه التجربة ولكن التردد يتملكني، اشعر اني قد لا اعطيها حجمها، او قد يراها من يقرأها مضخمه اكثر من الواقع.. ولكن في الحقيقة لا يشعر بعظم حجمها سوى من يعيشها.

 

في اول فصل من بدأ الدراسة كان تركيزي منصب على تحقيق حلمي، ومواجهه العوائق العائلية حيث لم يكن لدي الموافقة الكاملة من والدي على دراستي وكان لابد لي من اثبات لهم ان هذا الحلم من الممكن تحقيقه، وكذلك مواجهه احاديث اقاربي الذين يرون هذه الخطوة ستكون مضيعه لعمري ولا فائدة منها

هذا التركيز كان للاسف في المكان الخطأ فقد نسيت انني اتشارك هذا الحلم مع جميع من انضموا للبرنامج واستطاعوا اختيار التخصص. هذه المشاركة التي تحتم علينا المنافسة من أجل المركز الاول.

بكل سذاجه وطفولية ظننت ان هذه المنافسة ستكون شريفة ومن الممكن السيطرة عليها ولكن للاسف هذه السذاجه جلتني اصدم بالاشخاص معي.. لكن جعلتني اتعلم بالطريقة الصعبة انه ان كان لابد ان ابذل ٩٠٪ من جهدي لاحصل على A+ فلا بد ان ابذل ١٥٠٪ من الجهد لاترك مسافة كافية تميزني عن باقي الطلبة.

وبذل ١٥٠٪ من الجهد يعني ان وقت نومك يسكون اقل، واستيعابك سيكون اكبر، الوقت الذي تقضيه في قراءة المراجع يجب ان يكون اقل لتقرأ اكبر عدد ممكن في اقل وقت، وان تطلع على كل جديد في مجالك وان تقرأ اغلب البحوث والدراسات القديمه التي تسبق سنة ولادتك والدراسات الحديثة التي صدرت بالامس، وان تجد الوقت الكافي لحضور المناقشات للرسائل والمؤتمرات التي تقام، وان يتبقى لديك من الطاقة والجهد للحديث بلطافة مع اساتذتك والاستفادة من خبراتهم باكبر قدر ممكن، وان تقدم واجباتك ومشاريعك بطريقة مبتكرة تجعلهم يذهلون ولا يستطيعون سوى اعطائك الدرجة الكاملة عليها.

لا انكر ان بذل ١٥٠٪ من الجهد لم يكن مرضي بالنسبة لي، وانني تجاوزت هذا الحد بكثيرررررررررر وربما وصلت الى ٢٠٠٪ او ٣٠٠٪.. نعم انه الجنون بعينه.. في البداية كنت اترك دفترا وقلما بجانب السرير لأدون بعض الافكار قبل النوم او حين استيقاظي، ولكن مع تقدم الدراسة اصبحت استيقظ من نومي لأدون افكاري، ولا اجد الساعات للنوم فاستسلم للنوم لعدة ساعات فقط ومن ثم اعود لاكمل العمل، وفي الفصل الثالث اصبح حصيلة نومي ٨ ساعات في الاسبوع!!

اصبحت استمتع بقراءة البحوث قبل النوم وكالتسلية في مشاويري، اما رحلات التسوق فلابد ان اقف لعدة ساعات في المقهى لاتناول قهوتي واقرأ عدة صفحات من المراجع التي معي.وايام الخميس من كل اسبوع اقضيها بين جدران المكتبه، سواء كان لدي متطلب يجب اكماله ام فقط من اجل القراءة

كل هذا كان ضربا من الجنون، ولكنه جعلني الطالبة المفضلة لدى اساتذتي، واصبح اسمي معروفا في كل القسم، مما سهل لي اختيار مشرف على رسالتي فكل الاساتذة يرغبون بطالب مثلي.. ليس غرورا ولكن هذا ما اخبرتني فيه مرشدتي الاكاديمية عند ترددي بتسجيل اسم المشرف ورغبتي بسؤاله شخصيا قبل رفع الاوراق رسميا، وكذلك ما اخبرني به مشرفي بسبب قبوله بي ورفضه لطالب آخر.

مع جمال هذا الواقع لكن له جانب اسود، الغيرة التي ترافق النساء، الحقد الاسود المغلف بشرائط ذهبية من المجاملة والضحكات الزائفة، العلاقات التي تخسرها إما بسبب انشغالك او ارهاقك مما يعجزك عن متابعتها او بسبب الغيرة منهم او بسبب الطعنات التي تحصل عليها بالخلف أو باختصار بسبب تخليهم عنك لانهم لا يرون انفسهم جديرين بالوقوف بقربك ، أو لانهم لا يريدون اشخاص بجوارهم يتجاوزونهم باي شكل كان. الضغط النفسي الذي يتملكك و يشعرك بحاجتك الى ذلك الكهف المصنوع من الحنان والتفهم. الاتباطات الاجتماعية ايضا تكون كالمقص الذي يقلل من وقتك ويدفعك للمجاملة والضحك والتركيز على احاديث نسائية مملة.

ومع كل هذا الكم من التفكير وبذل الجهد في الحياة الاجتماعية والحياة العملية والعلمية وايدي الاخطبوط التي تنمو لك فجأة لانهاء كل المهام الموكلة إليك… ورغم هذا لابد من المشاكل.. وحدثت المشكلة لي خلال تقديم الرسالة.. كل هذه التجارب والدروس وبذل الجهد لم يعطيني اي اشارة للمشاكل التي سيسببها جسدي لي. ظننت انه ببذل الجهد سأستطيع القيام بكل الامور، قد يكون هذا التصرف يحمل شيء من الصحة، ولكن حين يتعلق الامر بالجسد فلا يوصلنا اي تصرف لاي نتيجة سوى الراحة.

اول سؤال نطقته شفتاي هو ما عدد الايام التي احتاج بها للراحه؟ وكانت الصدمة انها من سته اشهر لاكثر، مع نظرة غضب من طبيبي ومحاضرة عن اهمية الاهتمام بالصحة وعن كمية بذل الجهد المعقولة، وعلاقه حالة جسدي بعمري الزمني.. في تلك اللحظة ابتسمت بداخلي وتجنبت ان اخبره عن كم الجهد الذي بذلته في الاشهر الماضية. ولكن الصدمة حيث اخبرني بكل صراحه انه لابد لي من الانسحاب من الدراسة وعدم اكمالها!!

تسائلت بداخلي هل يعلم اني اكملت ٤ فصول دراسية وانه من الصعب حاليا الانسحاب؟!!

لم يتبقى سوى الرسالة التي انجزت ٥٠٪ منها ويصعب ان اتوقف هنا، ومن الصعب ان انجز ماتبقى وانا اشعر بالارهاق التام ويصعب علي النوم.. لم تعد المشكلة هي الحصول على القدر الكافي من النوم، بل لم اكن استطيع النوم بتاتا، بالاضافة الى ان عقلي لا ينفك عن التفكير والعمل والتحليل والتفسير واختراع الافكار وابتكار الطرق مما يرهقني اكثر..

اضطررت الى اخذ سنة كاملة اقضيها بالراحه واللهو دون اي تفكير، كما نصحتني مشرفتي الاكاديمية بتقديم بعض التقارير الطبية مع خطاب الاعتذار عن السنة وكذلك ارفاق طلب بتغيير موضوع الرسالة واختيار موضوع اسهل ويمكن انجازه خلال عام واحد لعدم الاثقال على جسدي.

خلال فترة الراحة ظننت انه من الممكن ان انقطع تماما عن المجتمع المعرفي، ولكن اكتشفت ان هنالك مجالات اكبر من الممكن ان يقضي بها الشخص الوقت دون ان يؤثر على صحته، ويستطيع اكتساب خبرات كثيرة. اكتشفت انه ليس من المهم ان اقرأ جميع البحوث والدراسات، بل من الممكن ان اكتفي بالمستخلص منها، واقرأ فقط الفصول التي تعجبني من البحث، اخذت اجرب بعض البرمجيات واتعلم على البعض الآخر، تواصلت مع العديد من المصممين، عملت في بعض الوظائف تطوعا وتجربة للحصول على مجتمعات مختلفة وكان الامر رائعا للحياة بهذا الشكل. تعلمت خلال راحتي ان احيا بكسل واكتشف الطرق التي استطيع بها اداء العمل باقل قدر من الجهد.  ولكن فجأة انتهت السنة واستعدت بعضا من صحتي ولدي رسالة لابد لي من اكمالها، او بالاصح ان ابدأ بها .

مع جسد مسترخي استطعت اكمال بحثي في الوقت المطلوب، لا أنكر اني عدت للعمل بجنون فكنت استلم تعديلات مشرفي على البحث ظهرا واعمل عليها ٢٤ ساعة متصله لتصل له بعد يوم واحد، واحصل على النوم في اليوم الذي يقضيه في قرائتها لاعود من جديد بعد استلام التعديلات، لكن هذا منحني الوقت لتسليمها مكتملة واستغلال الوقت المتبقي للحديث مع بعض الزميلات اللاتي انهين المناقشة لاخذ بعض النصائح حولها. ومن ضمن هذه النصائح ان استرخي، واتوكل على الله، واثق بنفسي، وان اكون متأكدة ان لا احد في هذه المناقشة يعلم ما كتب في هذا البحث اكثر مني، وان هذا الشعور سينتقل للمناقشين، لكن لا يمنع ذلك ان تكون آرائهم ووجهات نظرهم صائبة لخبرتهم العالية في المجال.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بعد استلام وثيقة البكالوريوس تساءلت في داخلي: أهذا كل شي؟؟!! فقط هذه الورقة؟!!

لكن بعد مناقشة الماجستير في اللحظة التي تعقب الاعلان عن اجازة الرسالة وحصولي على الدرجة وقبل سماع الزغاريد والمباركات يصرخ صوت بعقلي يقول (yes i did it ) احساس الانجاز والنجاح ، ووميض سريع لكل اللحظات الصعبة في هذه الدراسة وشعور تحقيق الحلم .. شعور يشابهه ملامسة النجوم.. الشعور اكثر من رائع ويستحق كل الجهد والصعوبات التي تسبقه.

الخلاصة من كل الحديث اعلاه ان التجارب تأتي مركزة وعالية خلال الدراسة، المهام تكون كبيرة ومتعددة وتحتاج الى تدوينها وتصنيفها حسب اهميتها والوقت التي تحتاجه لانجازها وتحديد الوقت النهائي لها. العلاقات تكون جانب ضغط لذلك لابد من تصنيفها وتحديد المجموعات الداعمة والمستهلكه للطاقة. لابد ايضا من فترات الراحة ووجود من يجبرك على التوقف لاخذ قسط من الراحه وعيش الحياة بعيدا عن الكتب.

 

رابط الصورة:
http://browse.deviantart.com/photography/?q=stady#/d2pqbaw

3 آراء حول “في الماستر حدث ذلك

  1. ياااه 🙂 تجربة ثرية و ملهمة .
    الحمدالله على التمام ()+ ما شاء الله تبارك الله منها إلى الأعلى يارب 🙂

    لكن جعلتني اتعلم بالطريقة الصعبة انه ان كان لابد ان ابذل ٩٠٪ من جهدي لاحصل على A+ فلا بد ان ابذل ١٥٠٪ من الجهد لاترك مسافة كافية تميزني عن باقي الطلبة.”
    *.* في كل مراحل الحياة يجب علينا ان نبذل أقصى جهدنا *.*


    ارفاق طلب بتغيير موضوع الرسالة واختيار موضوع اسهل ويمكن انجازه خلال عام واحد لعدم الاثقال على جسدي. ”
    قرار شجاع ما شاء الله تبارك الله

    “صوت بعقلي يقول (yes i did it )”
    هذا الشعور لوحده يكفي 🙂 اللهم لك الحمد على التمام ..الله يوفقك ويسهلك ويرفع قدرك في الدنيا والآخرة ..
    . أسلوبك سلس وواقعي جداً

    ملهمة التدوينة ما شاء الله تبارك الله فعلاً ملهمة .

    قخورة بمتابعتي لك ,قمت بإضافة مدونتك لمفضلتي 🙂

    أتمنى لك يوم سعيدة و حياة مليئة بالإنجازات ,ومن الماستر بإذن الله إلىى أعلى المراتب 🙂

    إعجاب

أضف تعليق